'بنت مريم' فيلم الجوائز
المخرج الاماراتي سعيد سالمين ارغم الكلمات على الصمت وبث الروح في ايحاءات العدسة.
يأبى فيلم بنت مريم إلى أن بؤكد حضوره مجددا على الساحة السينمائية بالعالم العربي وهكذا يحصل مرة أخرى على جائزة كبرى بالدورة الأولى لمهرجان القدس السينمائي الدولي، الذي شهدته مدينة غزة مابين 21 و23 ديسبمر 2009 .ليصل بذلك عدد الجوائز التي حصل عليها الفيلم إلى 12 جائزة. فسبق ان حصل على: الجائزة الفضية في مهرجان الخليج السينمائي 2008، جائزة الصقر الفضي مهرجان الفيلم العربي بروتردام 2008، جائزة أفضل فيلم – مهرجان مسينا في إيطاليا 2008، جائزة البانوش البرونزي بمهرجان الريف السينمائي في مملكة البحرين 2008، جائزة أفضل فيلم عربي بمهرجان الأردن السينمائي الدولية 2008، جائزة لجنة التحكيم الخاصة بمهرجان دبي السينمائي الدولي 2008، جائزة أفضل مخرج إماراتي عن فيلم "بنت مريم" مهرجان دبي السينمائي الدولي 2008، الجائزة الذهبية في مهرجان الهُربّان السينمائي الدولي - العراق – 2009، الجائزة الكبرى الأولى - مهرجان الفيلم القصير - دار البيضاء 2009، الجائزة الكبرى الأولى لاحسن فيلم روائي قصير حول البيئة بالمغرب 2009، الجائزة الكبرى "المنبر الذهبي" في المهرجان الدولي للشعوب المسلمة الذي شهدته روسيا ما بين خلال آواخرشهر اكتوبر 2009، مع شواهد تقديرية خاصة لأفضل ممثلة وأفضل سيناريو، مع الاشارة إلى المنافسة كانت شديدة بحكم مشاركة أفلام قصيرة من إيطاليا وهنغاريا والمانيا وأذريبجان والبحرين وروسيا. لقد أصبح فيلم "بنت مريم" للمخرج الاماراتي سعيد سالمين أسطورة الفيلم القصير، ليس فقط بدولة الامارات، ولكن بباقي الدول العربية وعلى امتداد الوطن العربي، لم نسمع أبدا أنه في مهرجان محلي أو عربي أو دولي حصل فيلم قصير على أكثر من جائزة أو جائزتين! الجوائز التي حصل عليها الفيلم، لم تكن على سبيل المجاملة، بل فرضتها القيمة الفنية للفيلم كعمل سينمائي إبداعي قصير الذي أصطلح بعض المخرجين والنقاد على تسميته بالسهل الممتنع، أي بعبارة أخرى عليك التعبير عن فكرة أو طرح قضية خلال فترة زمانية تتراوح مابين دقيقة و55 دقيقة. الفيلم القصير يعتبر ورشة عمل بالنسبة للفيلم الطويل، وهو ما يفسر أن بوابته تمر حتما عبر الفيلم القصير، وهذا ما لامسه النقاد في سيرة العديد من المخرجين السينمائيين الكبار وحتى الممثلين الذين مروا إلى الاخراج السينمائي بعد تجربة الفيلم القصير. رائعة المخرج الامارتي سعيد سالمين والتي وإن كانت لم تتعدى 27 دقيقة، فقد أتحفتنا بعمل فني متكامل، رغم أن قصة فيلم عادية ومن غير المستبعد أن يكون المجتمع الاماراتي قد شهد بعض تفاصيلها الواقعية، بأكثر من مدينة وقرية، خاصة خلال مرحلة السبعينات. لقد إستطاع سعيد سالمين مخرج الفيلم وفي جرأة سينمائية نادرة، طرح بعض خفايا المجنمع الخليجي، من خلال قصة بنت مريم والتي تحكي عن إجبار فتاة صغيرة على الزواج من رجل يكبرها بعقود، وهو دور جسدته وبإحترافية الممثلة الصاعدة نفين ماضي دون أن ننسى باقي شخصيات الفيلم والتي جسدها الفنان محمد اسماعيل وحسين محمود ورشا العبيدي. وإذا كان المخرج المصري الراحل صلاح أبو سيف وفي معرض حديثه عن الحوار في السينما في كتابه كيف تكتب السيناريو يقول أنه من الحكمة ان يتم الاعتماد على المصادر البصرية لنقل المعلومات اكثر من الاعتماد المفرط على الحوار، فإن سعيد سالمين في "بنت مريم إعتمد على حوار مقتضب وقصير جدا، مقابل حوار أخر مفصل قامت به الكاميرا من حيث عدد اللقطات المعبرة ومن زوايا مختلفة، لأبطال الفيلم، دون إغفال الموسيقى التصورية التي أضفت على القصة الحزينة شاعرية ورمانسية جميلة، كان لها تأثير قوي على المشاهد. فيلم "بنت مريم" أتبث أنه ومن خلال قصة بسيطة عادية، يمكن إنجاز شريط قصير جيد، إذا كان مخرجه متمكن، يعرف كيف ُ يحولُ هذه القصة – السيناريو إلى عمل سينمائي متكامل فالسيناريو الجيد قد لايعطينا فيلما جيدا، قصيرا كان أم طويلا ! لقد أعجبت بمقالة كتبها حبيب الناصري حول ديبلوماسية المهرجانات كوسيلة للتعريف بالحركة الفنية في بلد ما، وهذا ينطبق على فيلم بنت مريم القصير الذي شارك بأكثر من مهرجان عربي ، أليس رفع راية دولة الامارات العربية المتحدة، بمناسبة عرض فيلم سعيد سالمين، يعتبر عملا ديبلوماسيا وبإمتياز. النجاح الذي حققه فيلم المخرج سعيد سالمين يطرح أكثر من تساؤل بين الاعلاميين والنقاد والمهتمين، هل بعد رائعة "بنت مريم" سيقدم مخرجها على خوض تجربة الفيلم الطويل، ذلك ماهومنتظر خلال الشهور القادمة القليلة. فيلم "بنت مريم" كشريط فصير، يشكل تجربة رائدة في فن التصوير والاخراج، ويمكن إعتماده كتجربة، بالنسبة للطلبة الذين يدرسون بمعاهد السينما في العالم العربي الذين يتطلعون إلى إخراج أفلام قصيرة خلال مرحلة دراستهم من باب الهواية وقبل الدخول إلى عالم الاحتراف. لقد إقترح علي بعض الزملاء المسؤولين عن مهرجان سطات لفيلم الهواة، الذي سينعقد بهذه المدينة مابين 30 آذار -مارس و 3 نيسان -ابريل، إدارج الفيلم في ورشات العمل الموزاية للعروض السينمائية، خاصة ورشة تصوير الفيلم وورشة كتابة السيناريو وورشة المونتاج الرقمي، وهو إقتراح جدير بالاهتمام، بالنظر إلى قيمة الفيلم الفنية على مستوى التصوير والاخراج.