First Published 2010-03-21, Last Updated 2010-03-21 18:59:38 الدراما العربية تهمّش الأم العربية
ميدل ايست اونلاين وتشير صحيفة "الغد" الأردنية إلى تباين الآراء حول واقعية شخصية "ماما نونا" التي جسدتها الفنانة كريمة مختار في مسلسل "يتربّى في عزّو" في رمضان عام 2007 بمعاملتها لابنها الخمسيني حمادة كـ"طفل مدلل"، مؤكدة أنها نجحت في اجتذاب المشاهدين لدور الأم الذي لطالما تعرض للتهميش وارتبط بنمطية سطحية. وتضيف الصحيفة إن "نهاية العمل تصدرت الأحاديث في العيد وسببت حالة غير مسبوقة من الحزن للمشاهدين على وفاة الأم وعدم تصديق "حمادة" للخبر". ونالت مختار جائزة أحسن ممثلة لأدائها العفوي والصادق متفوقة على نجمات حفلت بهن الفضائيات في ذلك العام. وتقول مختار "الأم صاحبة أهم وأجمل دور في حياتنا لم تصور بالدراما بما يليق بمكانتها وما تستحقه من منزلة". وترى أن معظم ما يقدم "غير مقنع أو مُرضي وخصوصا في الأعمال الحديثة"، وتصف صورة الأم في الدراما ومن يعادلها من جدة أو أخت أو خالة أو عمة بأنها ضعيفة. وتنقل "الغد" عن الناقد السينمائي طارق الشناوي قوله إن دور الأم في الدراما مهمّش عموما إلا فيما ندر من أعمال كانت البطولة فيها للأم مثل "وبالوالدين إحسانا" و"أم العروسة" وغيرها، مبينا أن هذا الدور "غير أساسي في غالبية ما يُعرض لأن معظم الجمهور هم من الشباب في العشرينيات أو الثلاثينيات من العمر". ويرى الشناوي أن مسلسل "يتربّى في عزّو" كسر هذه القاعدة، إذ كان دور الأم محورياً في العمل إلى درجة "صُنع باربي على هيئة الفنانة كريمة مختار بطلة هذا المسلسل" احتفاء بها، مشيرا إلى أن ذلك يدل على أن الأم في حال كُتب لها نص جيد ووجدت الفنانة القديرة لأداء الدور، فإنها تنجح في أن تكون لها بطولة العمل. ويشير الكاتب محفوظ عبدالرحمن إلى أن دور الأم في العمل الدرامي "يبدو سهلاً غير أن كتابته خلاف ذلك تماماً"، لافتا إلى وجود أزمة نص وتأليف لهذه الشخصية ومردّ ذلك إلى أن "الدراما موجهة نحو الشباب وما يفوت المؤلف أنه لا بد من مراعاة المراحل الأخرى كالأم والطفل اللذين يستحقان إفراد مساحة كبيرة ومحورية في الفن عموما". وتقول الفنانة جولييت عوّاد التي برعت في أداء دور الأم إنه "رغم أن الأم أخذت حقها في بعض المسلسلات، إلا أن هناك تقصيراً في مجمل الأعمال الدرامية التي قدمتها"، مشيرة إلى أنها "غالبا ما تقدَّم بسيطة وسطحية أو مضطهدة". وترى بأن الدراما لم تعالج قضايا الأم التي تشكل العمود الفقري للأسرة، فهي على هامش "الحدوتة الموجودة في المسلسل". وتضيف "نادراً ما تم تناول قضية المرأة التي تربي وتنشئ وتنظم وترعى ولها دور في البناء المجتمعي"، منوهة إلى أنه ليست الأم وحدها من طالها التقصير بل الأسرة العربية بشكل عام. وترجع عوّاد ذلك إلى "غياب الاستراتيجيات المدروسة فالموزع يريد أن يسوق والفضائيات تفرض ما تريد وشركات الإنتاج تطرح ما تراه مناسباً لأذواق المشاهدين". وتبدي عوّاد أسفها من أن الإنتاج يروّج للفنانة الجميلة أو الممثل الوسيم في حين من يؤدي دور الأم أو الأب يبقى في الظل. وتدعو القائمين على الدراما إلى تقديم رسائل قيّمة للجمهور، مشيرة إلى وجود فنانات قديرات استطعن الوصول إلى قلوب المشاهدين بروحهن وبالصدق والإيمان بالدور المقدّم وخصوصا فيما يتعلق بصورة الأم. ويوضح الكاتب محفوظ عبدالرحمن أن شخصية الأم تصوّر بشكل مسطح في الدراما "فالأم التي نعرفها إنسانة عادية بسيطة وأكثر عمقا مما نشاهد على الشاشة"، منبهاً إلى أن الأم هي شخص قد لا ينتبه له أحد، لكنه إن غاب يفتقده الجميع. ويرى أن هذا التقصير في إبراز دور الأم ليس عمدا أو سهوا وإنما جهلا، "فمعظم الكتاب يقتفون أثر من سبقوهم في تناول هذه الشخصية، وهذا يفسر هذه الصورة النمطية السائدة في معظم الأعمال". وينوّه إلى أن الأم ليست ساذجة فهي طيبة ومفاهيم الطيبة تختلف من أم إلى أخرى، كما أن لها دوراً تنويرياً على الكتّاب أن يبرزوه، فضلا عن ضرورة بذل جهد مضاعف في تقديم الأم في أي عمل وحتى إن كان دورها ثانوياً. ويتفق الشناوي مع عبدالرحمن في وجود نقص شديد في الكتابة للأم إضافة إلى الاستسهال في التأليف لها، مشيرا إلى أن هذا بدوره أدى إلى مأزق يتمثل في تهميشها وتصويرها كثيرا في شخصية مسالمة لا تفقه شيئا همها خدمة "سي السيد". ويرد ذلك إلى أن "النجاح الطاغي لبعض ما قدم في البدايات أسهم بالاستمرار في تقديم نفس الثيمة الدرامية وبنفس الصورة فيما تلاها من أعمال". وتقول الدكتورة نجوى عارف خبيرة العلاقات الزوجية والأسرية "إن الإعلام يهتم بالفئة الأكبر في المجتمع وهم الشباب وما يعجبهم من برامج وأغان وأفلام ومسلسلات". وترى عارف أن الأدوار الأسرية والاجتماعية شبه مغيبة حاليا في الأعمال الدرامية "إذ لم تعط الأم دورها كما تقوم به في الحياة"، وهو ما تعدّه "خطأ جسيماً من الإعلام الذي يسهم في تجاهل القدوة لأهداف تجارية". وتشير إلى أن شخصية الأم في الدراما غالبا غير منطقية، "إذ يتم تصويرها بشكل مثالي غير مقنع، كأن تظهر ساذجة وتهان أو غير مبالية أو اضطهادها لزوجها أو بصورة أقرب إلى الرجل". |