تقرير: ياسمين السماحى لقد عاد كريم عبد العزيز من جديد وبقوة وبشراسة، بعد اختفاء استغرق عامين خارج الخدمة، خاصة بعد عدم تحقيق "خارج عن القانون" 2007 و"محطة مصر" 2006 النجاح الذي توقعه هو والجميع منهما।
لن أخدعكم وأقول أني كنت ذاهبة بهدف الاستمتاع وقضاء ساعتين أغيب فيهما عن العالم الخارجي ومشاكله كما هى عادة ما تكون أهدافي وأغراضي من السينما، لقد كنت ذاهبة لمشاهدة "ولاد العم" وأنا متحفزة ومستعدة لتصيد الأخطاء في الفيلم بشكل مثير للتوتر.
ولكن بصراحة أنا "اتخطفت" منذ الخمس دقائق الأولى في الفيلم، عندما يأخذ عزت زوجته سلوى وطفليهما إلى أعماق البحر ويعلن لها فجأة أنه جاسوس إسرائيلي ويهودي الجنسية واسمه الحقيقي "دانيال" ويخدرها ويخطفها إلى إسرائيل هى وطفليهما!
وهى عادة عند المخرج شريف عرفة، أن يتركك لدقيقة ونصف تقريباً تعتدل في جلستك مع بداية الفيلم وكتابة التترات الأولى، ثم يخطفك معه داخل الأحداث فجأة.
الفكرة نفسها جديدة وشعرت أن الموضوع جرئ أكثر مما توقعت، فلقد صعقت ولم أكن أتخيل ممثل مثل شريف منير يتحدث عن إسرائيل الجميلة وكيف أنها بلد متحضرة ويحاول إقناع زوجته منى زكي وإقناعنا كيف أنهم شعب متحضر وستفضل العيش فيها على أن تعيش في دولة متخلفة من العالم الثالث مثل مصر!
وأعتقد أن كوني صعقت من هذا يؤكد على مدى براعة شريف منير وتقمصه لشخصية دانيال بشكل "مرعب".
منى زكي أداءها كان ناضجا ومتطورا، وكان يأتي بلحظاته العالية ولحظاته الأخرى العادية، مثل لحظة خضوعها لزوجها وموافقتها على العيش معه ومع أطفالها في إسرائيل، المرأة المصرية المسلمة المغلوبة على أمرها التي يحتضنها زوجها الإسرائيلي اليهودي ويحاول التقرب منها، وتحاول هى مقاومة دموعها ولكنها تستلم لإنهيارها بضعف بالغ فيتركها لكي تأخذ وقتها الذي تحتاجه للتأقلم مع الوضع الجديد.
أما كريم، فدوره هو الجديد عليه، فقط، لم أشعر أن هناك تطور أو اختلاف في تجسيده للشخصية، لقد قدم لنا كريم شخصية الضابط، ومن له ثأر يرغب في إطفاء ناره من قبل، لذلك دور ضابط المخابرات المحنك كان لائق على كريم ولم أشعر أنه بعيد عنه وكأني معتاده عليه بهذا الشكل.
كما أني أعاتبه على وزنه الزائد قليلا، والذي حاول إخفاءه بارتداء اللون الغامق طوال الوقت، أعتقد أن التحضير الجسماني لكريم كان لابد من الاهتمام به بشكل أكبر من ذلك، ولكن هذا أيضاً يمكن التغاضي عنه وعدم التوقف عنده كثيراً نظرا للدور نفسه والموضوع المختلف.
ولقد سعدت كثيرا عندما علمت المفاجأة أن عمرو سمير عاطف كاتب مسلاسات "السيت كوم" مثل "تامر وشوقية" و"راجل وست ستات" هو مؤلف "ولاد العم"، بل يعتبر أول أعماله السينمائية في مشواره الفني الطويل الناجح المقبل بإذن الله، فعلا برافو عليه وعلى جرأته.
أعتقد أن عمرو مثلي ومثل جيلي كله تربى على قصص رجل المخابرات المصري المذهل أدهم صبري لمؤلفها الشهير نبيل فاروق، خاصة وأني كنت أستشعر، ولكن بشكل بسيط، السخرية التي كانت تنتاب أدهم عند حديثه مع أعداءه ورده بشكل متهكم على كلامهم من الحوارات التي دارت بين ضابط المخابرات مصطفى مع دانيال، وكنت منتظرة أن أجد الحوار بينهما ملئ بالشعارات الوطنية الزائدة التي تثير الضحك أحياناً، ولكن الحوار كان معتدلا في هذه النقطة، مما جعلني أتراجع عن تخيلي بأن موسيقى "بلادي بلادي" ستبدأ الآن أو أتخيل أن كريم ممكن أن يقول لدانيال وهو يضربه "يا وغد .. إذهب إلى الجحيم" مثل أدهم!
بالتأكيد لم يسافر طاقم العمل إلى إسرائيل لتصوير الفيلم، لكن أشهد لهم بالمجهود المبذول لكي يتمكنوا من تصوير مشاهده في الدول العربية المختلفة بشكل ناجح وجعلني أتخيل أن هذا شكل إسرائيل فعلاً.
أكثر ما أسعدني بصراحة في الفيلم أنه لم ينتهِ بقصة حب بين كريم ومنى، وأن نهاية الفيلم كانت سعيدة ولكن بشكل مختلف عما كنت متوقعة، وهو ما أشكر كل فريق العمل عليه، أنهم ركزوا في قضية معينة وواضحة بنوا عليها الفيلم بشكل منطقي، دون الحاجة إلى اللف والدوران على الفاضي حولها لمجرد إرضاء جمهور هذا الثنائي.
الفيلم يمثل عودة قوية و"شرسة" لكريم، ونقطة تحول لشريف منير، وإضافة هامة لمنى، وعلامة متميزة جديدة في طريق عرفة. أشكركم على هذا العمل. |