القاهرة - تلاحق الفضائح عادة نجوم الفن وتسبب لهم كثيرا من المشاكل و"وجع الرأس" وأحيانا تجري في الخفاء حروب سرية بين أهل الفن لنبش الماضي وإثارة المشاكل لمنافسيه أو على الأقل "إغاظتهم".
ولكن يبدو الفضائيات وجدت في الفضائح مادة دسمة ووسيلة جديدة لجذب أكبر عدد ممكن من المشاهدين، وربما هذا ما يفسر ولادة برامج جديدة ذات طابع "فضائحي" بامتياز.
وتشير صحيفة "البيان" الإماراتية أن مقولة "التاجر حين يُفلس، يُقلَّب في دفاتره القديمة" قد تنطبق إلى حد كبير على نجمات الزمن الفائت اللائي يعشن على الذكريات في الظل بعدما "تناساهم الحاضر أو حوَّل عينيه قليلاً عن اتجاههن تاركاً لهن شبح الخوف من المستقبل".
وترى أن هؤلاء لم يجدن سوى المتاجرة بمذكراتهن كمصدر للكسب ومواجهة أعباء الحياة، وبالتالي بات طبيعياً ظهورهن المستمر على الشاشات لفتح أوراق مذكراتهن الشخصية، رغم تحفظ البعض على أن هذه المذكرات شبح آخر يُهدد الماضي والحاضر والمستقبل.
وتأتي "الشحرورة" صباح على رأس قائمة فنانات بيع المذكرات، حيث نجح الإعلامي طوني خليفة في الحصول منها على تصريحات نارية في برنامجه "دمعة وابتسامة"، منها خيانة أزواجها، حيث تحدثت عن خيانة زوجها الفنان رشدي أباظة مع أمير عربي، وتبعتها الفنانة مريم فخر الدين بتصريحات نارية من أرشيفها الفني عن قيامها بإهانة بعض فناني عصرها.
وعلى الرغم من غضب البعض تجاه تلك التصريحات إلا أن هذه الفضائح العلنية جاءت وفق أهواء أصحاب القنوات الفضائية والجهات الإنتاجية التي بدأت من جديد تقديم العروض والتفاوض مع عدد من نجمات الزمن الجميل أملاً في البحث عن فضيحة جديدة وجاءت العروض خيالية، وصرَّحت أكثر من فنانة أنها مستعدة لكتابة مذكراتها وبيعها أو تقديمها من خلال سلسلة من الحلقات في برنامج على أي قناة فضائية.
ومن بين هؤلاء الفنانة هند رستم التي تنوي كتابة مذكراتها وعرضها في كتاب، في حين تتفاوض معها أكثر من جهة إنتاجية وفضائية لتقديمها في برنامج على حلقات مقابل مبلغ مالي وصل إلى 5 ملايين جنيه، كما يتم التفاوض مع النجمة نادية لطفي للحصول على مذكراتها، لكن التردد لدى نادية ظل مسيطراً، إلا أنها أعلنت أخيراً عن بدء قيامها بكتابة مذكراتها وكذلك الفنانة لبنى عبدالعزيز وغيرهن.
ويؤكد الناقد السينمائي محمود قاسم أن حال الفن في مصر هو السبب الرئيس لتعرُّض النجمات لحالات من الضعف تنتج من الاحتياج المادي "فعندما يتقدم الفنان في العمر لا يتذكره أحد بعكس ما يحدث في الغرب، يظلون في حالة نشاط فني حتى الرحيل لأنهم في أميركا وأوروبا يوظِّفون النجم في مكانه الصحيح حسب قدراته الفنية ومرحلته العمرية".
ويضيف "بذلك يتم الحفاظ على قيمة الفنان، ولا يتم قتله مثل حال أهل الفن في مصر الذين يُحالون إلى التقاعد بعد عمر معين لذا يقعون فريسة لجهات إنتاجية يهمها الكسب من خلال الفضائح التي يسمونها أدباً "مذكرات"، فهذه الجهات تستغل الفنانة التي كانت تتميز بالجمال وحُجبت عنها الأضواء من خلال إغرائها بالأضواء مرة أخرى مقابل ملايين".
وتشير "البيان" أن مذكرات النجمات كانت محل جدل في فترة من الفترات "حيث كانت السبب وراء جرائم اغتيال بعضهن، فقد راجت أقاويل حول مقتل سعاد حسني في لندن لأنها فكرت في تسجيل، أو كتابة مذكراتها التي تخص رجالاً مهمين في تاريخ مصر قد يكونون على قيد الحياة".
وينتقد الناقد طارق الشناوي طريقة القنوات الفضائية أو الإعلاميين الذين يحلمون بتحقيق شهرة أو ضجة على حساب فنانات الزمن الفائت، واصفاً هذه الطريقة ب"الرخيصة" لأنها نوع من الخداع للفنانات من خلال رسم فخاخ لاستدراجهن إلى تصريحات نارية تزداد معها الإعلانات ونسبة المشاهدة ولا يخسر أحد غير الفنانة".
وكان الشناوي أول من انتقد ما فعلته صباح بحثاً عن المال والأضواء من جديد، وأشار إلى أن الفضائح الأخلاقية تهدم تاريخ أي فنان حتى لو عاش في الفن آلاف الأعوام.
وأضاف "إن كشف الفنانة لأسرار تخص آخرين في ظل غيابهم يُعد نوعاً من الظلم وعدم الاتزان، ويعطي إشارة إلى عدم تصديق ما يُروى، لأن هذه الفضائح لو كانت حقيقية لكانت أُعلنت من قِبل الفنانة في حياة مشاركيها، وهذا يُعد خيانة للراحلين الذين لا يملكون حق الرد، أياً كانت أخلاقهم".