جينا الريحاني تطلق جائزة باسم والدها لأفضل فنان كوميدي
في البداية تحدثت جينا عن رحلة البحث عن الفنان حمدي الكيال، الذي أقام معرضا يضم 90 صورة لوالدها نجيب الريحاني في الستينيات، وكيف أنها وجدت مقالا مكتوبا عنه في جريدة البروجريه الفرنسية، ثم من خلال حوار مع جريدة صوت الأمة، ذكرت جينا أنها تبحث عن الكيال، فحينما قرأ المقال تحدث إلى الجريدة ومنها اتصل بجينا وبدأت جينا معه محاولة إحياء ذكري نجيب الريحاني. من جانبه أعرب الفنان حمدي الكيال عن سعادته بالحفاوة التي استقبل بها معرضه في مكتبة الإسكندرية "ذكريات وتراث نجيب الريحاني"، وذكر أنه أثناء إعداده لهذا المعرض في الستينيات حاول مقابلة أقرب الفنانين للريحاني ليكوّن خلفية عنه وعن شخصيته، فكان من حسن حظه أنه التقى المبدع بديع خيري الذي حكى له مشوار الريحاني منذ أن بدأ موظفا في البنك الزراعي، ثم عشقه للتمثيل وهروبه إلى طنطا من معايرة الناس له كمشخصاتي، ثم انتقاله للعمل في مصنع السكر بنجع حمادي. وأوضح الكيال أن نجيب الريحاني كان فناناً معطاءً حيث كان السبب في اكتشاف موهبة العديد من نجوم الفن مثل: ماري منيب، وعزيز عيد، وتحية كاريوكا، وكان إنسانا وطنيا سياسيا عاطفيا؛ فقد قام بالخروج مع جمع من الفنانين في مظاهرات ثورة 1919. وروى الكيال أنه التقى بالفنانة تحية كاريوكا والتي قالت "نحترم الريحاني كأب، وكان فنانا بمعنى الكلمة، كانت له نظرة مختلفة للإنسان". وأضاف الكيال "هذا الرجل كان يتقاضى الملاليم لكنه كان معروف عالمياً، وقدم أعمالا فنية في الخارج منها فيلم (ياقوت في باريس) والذي قام بتصويره كاملاً في فرنسا". أكد الكيال أن بديع خيري قال له إن الفنان نجيب الريحاني تأثر في حياته بثلاثة نساء، هن: لوسي والدة جينا، وبديعة مصابني وجوزفين بيكر. واستكمل الكيال روايته، قائلاً "علاقته ببديعة مصابني كانت بغير إرادته، فقد أثرت بديعة على والدته التي رحبت جداً بفكرة زواجهما". وحول علاقة الريحاني بلوسي والدة جينا، قال الكيال "في عام 1917 تعرف الريحاني على لوسي في كازينو أوبرا، لكن غيرة لوسي الزائدة كانت السبب في الفراق بينهما، ثم التقيا بعد ذلك في فرنسا أثناء الحرب العالمية الثانية، أثناء تصويره لفيلم (ياقوت في باريس) عام 1936 فتزوجا بعقد رسمي، وأنجبا جينا لكنها عاشت مع والدتها في ألمانيا، نظراً لظروف الحرب". وأضافت جينا" رأيت والدي لأول مرة وكان عمري 9 سنوات، لأننا كنا في ألمانيا ولم يكن هناك حرية في السفر، وكانت والدتي دائماً ما تقول لي إن والدي جندي ألماني وهو في الحرب، وحينما شاهدت الريحاني لأول مرة كنت في حالة دهشة، لأنني كنت أتوقع أن يكون له ملامح أوروبية، لكن بعد ذلك تعودت عليه، واكتشفت مدى طيبة قلبه". وأضافت "كان عنده كاريزما وتعلقت به جداً وسعدت به جداً". وأوضحت جينا أن هناك 80 مسرحية للريحاني مفقودة، طريقهم مجهول، أما أفلامه العشرة فهي تملك منهم 3 أفلام وهم الأكثر شهر، أما الباقي فلا يعلم عنهم محبو الريحاني شيئاً، وأعلنت أنها تبحث حالياً عن فيلم "بسلامته عايز يتجوز"، و"صاحب السعادة كشكش بيه". وطالبت بأن يقام للريحاني تمثال يخلد ذكراه للأجيال في حديقة الأزهر بالقاهرة حتى يراه كل الناس من مختلف الطبقات. وأعلنت جينا الريحاني في ختام الندوة عن إطلاق جائزة باسم نجيب الريحاني لأفضل فنان كوميدي، والتي ربما تحد من موجة الأفلام الكوميدية الهابطة في السوق، على أن تكون الجائزة سنوية، ويتم الإعلان عن الفائز بها في شهر يونيو/حزيران من كل عام. وقام المخرج المسرحي الدكتور حسين جمعة مداخله قال فيها "لم يفلح ولم يعش كل من قام بتقليد الريحاني، لأنهم للأسف يقلدون المظهر الخارجي لكنهم يفتقدون الروح"، وطالب بضرورة دراسة شخصية الريحاني بكل جوانبها كأهم الشخصيات السينمائية. بينما قال د. حسن البحر درويش، حفيد الفنان سيد درويش، أن الريحاني كان يقدم نماذج لشخصيات موجودة في المجتمع العربي، وكان ذلك نموذجا للنقد الاجتماعي الصارخ لسلبية الشعب وقت الاستعمار. وتساءل البعض خلال الندوة عن سر التهميش الذي يتعرض له الريحاني ولماذا لم يلق التكريم الذي يناله بعض الفنانين في مصر رغم أنه كان أحد قمم الكوميديا، وطالب الحضور إحياء فرقة الريحاني، وأن يجوب معرض الفنان الكيال العالم العربي. كذلك اتفق الحضور من محبي الريحاني على تكوين "جمعية محبي الريحاني" على أن يطلق عليها اسم "ريحانة"، تكون مهمتها الحفاظ على تراث الفنان العظيم، وتخليد ذكراه، وإقامة الندوات لمناقشة أعماله وعرض أفلامه للجمهور خاصة من الأجيال الجديدة التي ربما لا تعلم عن تاريخ السينما المصرية الكثير. *** وفي إطار الاحتفالية التي تقيمها مكتبة الإسكندرية للريحاني بمناسبة ذكرى رحيله والتي استمرت على مدار ثلاثة أيام، شهدت مكتبة الإسكندرية الجمعة الموافق 4 يونيو/حزيران، عرض فيلم "نجيب الريحاني .. في ستين ألف سلامة"، وتحدث الدكتور محمد كامل القليوبي مخرج الفيلم بعد العرض عن ظروف إخراج الفيلم، في لقاء أداره حسام عبدالقادر؛ مستشار إدارة الإعلام بمكتبة الإسكندرية، وبحضور جينا الريحاني؛ وسامي محمد علي مونتير الفيلم، وثناء هاشم سيناريست الفيلم، ونخبة من المفكرين والسينمائيين ومحبي نجيب الريحاني. وأكد القليوبي في كلمته أن الفيلم لا يتناول حياة وأعمال الفنان نجيب الريحاني بشكل عام، ولكنه يعرض جانبا غامضا وخفيا في حياته، ترويه لأول مرة ابنته جينا الريحاني، التي أنجبها من زوجته الألمانية. وأشار إلى أن فكرة الفيلم جاءت مع أول ظهور لجينا الريحاني وذلك في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 2007، في دورته المهداة لتكريم الريحاني. وأشار القليوبي إلى أن الفيلم واجه عددا كبيرا من الصعوبات والتحديات، وكان من أهمها قلة الظهور الإعلامي لجينا الريحاني، وعدم رغبتها في المشاركة في الفيلم، بالإضافة إلى مشاكل التحقيق والبحث عن المادة والبحث العلمي، إلا أنه بعد موافقة جينا على المشاركة في الفيلم بدأت العقبات تتلاشى وبدأ التصوير في مدينة الإسكندرية. وأوضح أن جينا الريحاني قدمت للفيلم عددا كبيرا من الصور والوثائق النادرة التي توضح الجانب الغامض في حياة الريحاني، وأكد المخرج أنه اعتمد أيضًا على المذكرات النادرة للفنان نجيب الريحاني التي وجدها في مكتبة أبيه وحفظها عن ظهر قلب قبل أن يفقدها، كما قام باستخدام روايات "الحب الخالد"، و"جنون الحب" للمخرج المسرحي زغلول الصيفي، والتي كتبها الصيفي عن حياة الريحاني بعد حديثه مع ابنته جينا. وأكد المخرج أن الفيلم يمثل رحلة استكشاف شاقة وجميلة في نفس الوقت، معبرًا عن أمله في أن يزيد الاهتمام بالأفلام التسجيلية في السينما المصرية. وكشف القليوبي عن فكرة فيلمه التسجيلي القادم وهو بعنوان "ليالي الإيموبيليا"، ويتحدث فيه بواب الإيموبيليا الذي عاش أيام الفنان الراحل نجيب الريحاني والذي قابله المخرج أثناء تصوير فيلم "نجيب الريحاني .. في ستين ألف سلامة"، ويقدم الفيلم عددا من الشهادات النادرة والشيقة لبواب الإيموبيليا الذي توفي بعد تصوير الفيلم بأيام. وتبلغ مدة فيلم "نجيب الريحاني.. في ستين ألف سلامة" 107 دقائق وهو من إنتاج وتوزيع "نون فيلم"، ووضع الموسيقي التصويرية للفيلم راجح داوود، كما قام بالأداء الصوتي الفنان هشام عبدالحميد. وشارك الفيلم في مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي كالممثل العربي الوحيد في فئته، كما شارك في مهرجان دمشق السينمائي الدولي وحصل على عدد من الجوائز في المهرجان القومي للسينما المصرية. وتحكي جينا الريحاني في الفيلم ذكرياتها مع والدها الذي لم تعش معه طويلاً، وتتحدث عن لقاء نجيب الريحاني بوالدتها الألمانية لوسي دي فرناي، وكيف فرقت يبنهم الحرب وجمعت بينهم الأيام من جديد إلى أن فرقهم الموت. ويعرض الفيلم رحلة جينا الريحاني في تقصي أثر نجيب الريحاني في مصر والتي بدأتها عام 1993 وزيارتها لمدرسته وقبره ومنزله واستلامها لجائزة تكريمه في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في 2007. كما يعرض الفيلم شهادات أخرى إلى جانب رواية جينا الريحاني، ومنها شهادة المطران يوسف حنوش؛ مطران طائفة السريانية الكاثوليكية في مصر، ومحمد علبة؛ رئيس جمعية محبي نجيب الريحاني في الإسكندرية. وتقول جينا إن والدتها كانت فنانة مسرحية سافرت من ألمانيا للعمل في فرنسا ثم مصر حيث قابلت نجيب الريحاني عن طريق المخرج أحمد فران وعملت معه في المسرح وبدأت قصة حبهما ولكنها سرعان ما انتهت بسبب الخلافات إلى أن عادت لوسي إلى ألمانيا. وتؤكد جينا في الفيلم أن الريحاني حاول البحث عن لوسي لكن دون جدوى، ومرت الأيام وعثر الريحاني على لوسي في فرنسا حيث كانت تعمل في اتيليه "مدام جراي"، أحد بيوت الأزياء الفرنسية، وتزوجا وتعاهدا على عدم الافتراق مرة أخرى. وتشير جينا إلى أن الريحاني اضطر إلى العودة إلى مصر لظروف عمله وسافرت لوسي إلى ألمانيا لتنجب جينا ولم تتمكن من العودة لظروف الحرب العالمية الثانية، وهكذا فرقت سنوات الحرب بين نجيب الريحاني وابنته. وتصف جينا في الفيلم لحظات لقائها بوالدها لأول مرة في حياتها في باريس بعد الحرب، وتفاصيل حياتهم التي قامت على سفره في فصل الصيف إلى باريس وسفرها مع والدتها إلى القاهرة في فصل الشتاء، ولعدم اقتناع لوسي بهذه الحياة غير المستقرة عادت مع جينا إلى فرنسا عام 1948 في انتظار اللقاء القادم بالريحاني في باريس، ولكنهم لم يتمكنوا من تحقيق هذا اللقاء حيث تلقوا تلغرافا من المخرج أحمد فران عام 1949 ليبلغهم بوفاة الريحاني. يذكر أن نجيب الريحاني، المعروف بشخصية "كشكش بيه"، ولد في حي باب الشعرية في فبراير/شباط عام 1889، ثم التحق بمدرسة سان جوزيف فأتقن اللغة الفرنسية إضافة إلى اللغة العربية التي أحبها. توفي والده في عام 1903، ليصبح هو عائل الأسرة. زامل الريحاني عزيز عيد، وأنشآ معا مسرحا في المدرسة، ومن هنا نمت لديه هواية التمثيل والفن. وكان أول لقاء جمع بين بديع خيري ونجيب الريحاني عام 1918؛ حيث مثّلا في مسرحية "على كيفك". كما تعاون الريحاني وخيري مع فنان الشعب سيد درويش في العديد من الأعمال الفنية. شارك الريحاني في العديد من المسرحيات والأفلام السينمائية؛ منها: "قسمتي"، و"خللي بالك من إبليس"، و"ريا وسكينة"، و"الدنيا على كف عفريت"، و"لعبة الست"، و"سي عمر"، و"صاحب السعادة كشكش بيه"، وغيرها. توفي نجيب الريحاني في يونيو/حزيران عام 1949، بعد أن قدم آخر أعماله: فيلم "غزل البنات" مع ليلى مراد. |